
حاتم أبوزيد
للقصة أهمية كبيرة عند الأطفال، ولها قدرة في التأثير عليهم على المستويات النفسية والاجتماعية والسلوكية والإنسانية إلى جانب تطوير قدراتهم العقلية، واكسابهم مهارات التفكير الناقد، واتقان اللغة، واكتساب مفرداتها، وزيادة مهارات التركيز وحب الاستكشاف وتنمية الخيال والابداع. من هنا جاءت أهمية محاضرة "تأثير قصة قبل النوم على الأطفال" كمحاضرة نفسية اجتماعية تربوية قدمتها الكاتبة المقدسية ديما السمان مخاطبة مجموعة من الأدباء والناشطين في المجال الأدبي بالتعاون مع جمعية وفاء للمرأة والطفل.
ما أهمية تعزيز الجانب القصصي لدى الأطفال؟
تؤكد السمان على ضرورة تبني المؤسسات ذات الاختصاص لمثل هذا النوع من الندوات الأدبية نظرا لأهميتها في تعزيز الوعي لدى الآباء والأمهات وكافة شرائح المجتمع بأهمية الجانب القصصي في حياة الأطفال، ودوره في تحسين الصحة النفسية والسلوكية لديهم خاصة في ظل الظروف الحالية للشعب الفلسطيني، مشيرة إلى أن قصة قبل النوم تلعب دورا بارزا في تنمية الخيال والابداع لدى الأطفال، ويكون تأثيرها أكبر واقوى بحكم التوقيت الهام، حيث تكون الترددات الكهربائية للدماغ في أوجها خلال هذه الفترة، وهي الأفضل لتحفيز المهارات اللغوية والإدراكية لدى الأطفال؛ إذ أن أخر معلومة يتلقفها عقل الطفل قبل النوم يتبناها الدماغ ويعمل على تطويرها طوال فترة الليل خلال العقل الباطني للطفل، ولذلك يجب الانتباه للمحتوى الذي يتعرض له الطفل قبل النوم مع مراعاة الابتعاد عن المضامين الحزينة والمشاهد القاسية، لأن هذه الحالة تتطور وتكبر خلال النوم، وقد تؤدي لأمراض نفسية لا يحمد عقباها.
كيف يمكن الاستثمار في قصة ما قبل النوم؟
تقول السمان إن نصف ساعة من القصص والرعاية والاهتمام للطفل مع الأم أو الأب تعادل 6 ساعات مع طبيب نفسي، حيث تتحقق خلال هذه المدة الراحة النفسية للطفل، وتلعب هذه الفترة دورا هاما في معالجة مشاكل الطفل من خلال تنمية القيم الإيجابية والتخلص من القيم السلبية التي تلقاها خارج محيط البيت في المدرسة والشارع.
وحول الشروط التي يجب أن تتحقق في القصص، نوهت السمان لضرورة وجود فكرة وهدف للقصة، وعدم التفرع في التفاصيل مع التركيز على قضية واحدة، ووصف الشخوص بشكل واضح من حيث الشكل والمضمون مع الابتعاد عن الشخصيات المثالية التي تشكل ضربا من الخيال، كما يجب ألا تخلو الحبكة من الخيال والتشويق حتى تلفت انتباه وحواس الطفل، إضافة إلى الابتعاد عن الاحداث المحبطة والنهايات الحزينة، حيث يجب أن تكون النهايات مرضية ومغلقة دون ترك الباب للفضول بماذا سيحصل لاحقا.
كما شددت السمان على أهمية اتقان الراوي للغة الجسد ولغة التواصل عبر العيون، واحتضان الطفل مع التقبيل على الجبين، والتركيز على قيم التقدير والتعزيز لتحفيز كافة المهارات العقلية والعاطفية، وبالتالي تعزيز الثقة بالنفس، لضمان شخصية قوية وسليمة سلوكيا وثقافيا وعاطفيا، مع أهمية مشاركة الطفل في اختيار نهاية القصة.
وأشارت الكاتبة أن قصص الأطفال من أصعب أنواع الادب؛ كونها تعد مسؤولية كبيرة لما يترتب عليها من تنشئة فكرية واجتماعية للأطفال.
كيف يمكن التغلب على الموروث الثقافي القصصي السلبي؟
وإلى جانب تعزيز الوعي لدى الأهالي والأطفال على حد سواء بضرورة الخروج عن بعض العادات الثقافية والقصصية من قبيل "أبو رجل مسلوخة" و"ليلى والذئب" التي تحمل مضامين سيئة تعزز مشاعر الخوف والقلق لدى الأطفال، والتبول اللاإرادي، والمشاكل النفسية.
يذكر بأن جمعية وفاء للمرأة والطفل تطلق للعام الرابع برنامج حكايتنا (2)، والذي يتناول القضايا المختلفة المتعلقة بالأبناء والأسرة مع نخبة من المختصين والمدربين العاملين بمجال الإرشاد التربوي والعلمي والنفسي.