
لم أكن أتخيل ولو لثانية واحدة بأن الزميلة الصحفية المهنية والإنسانة نيرمين حبوش ذات القلب الطيب المحب للحياة المفعمة بالنشاط والأمل والحيوية، السند والملجأ لزملائها ستكون واحدة من ضحايا الحرب على غزة.
وسط الظلام، وتحت أزيز الرصاص والصواريخ، هرعت نيرمين ليلة السابع والعشرين من ديسمبر الماضي إلى بيت العائلة وسط قصف عنيف للمدفعية والطائرات. لم تكن تعرف أنها ذاهبة إلى قدرها ومثواها الأخير.
في تلك الليلة قُصف الطابق السادس في نفس البناية التي كانت تقطنها نيرمين وعائلتها، حيث كانت في الطابق الخامس، قوة الانفجار دفعت بنيرمين وابنتها ووالدتها من الطابق الخامس إلى الأرض، ليقوم أحد أخوتها الذي أصيب في نفس الغارة وكسرت رجله بدفنهم في حفرة واحدة؛ وهي الامكانية الوحيدة لإكرامهم في ظل تعذر الدفن والوصول إلى المقابر.
رحلت نيرمين ووالدتها وابنتها تاركة خلفها إرثا من العمل الدؤوب والتفاني، رحلت نيرمين صاحبة الابتسامة الدائمة والحضور الراسخ، ورغم الغياب تركت خلفها أملا متجددا، رحلت نيرمين وأدمت قلوبنا، كانت دائما تمدنا بالصبر والأمل، رحلت نيرمين بلا عودة هذه المرة، رحلت إلى مكان أخر أكثر أمانا، بعيدا عن القصف والرعب وقلة المأكل والملبس.
رحلت الصحفية والمدربة القديرة نيرمين التي قدمت بسخاء ما تملكه وتجمعه وتطوره من ملومات ومعرفة في علوم الاتصال والتربية الإعلامية والمعلوماتية لمئات المتطوعين مع مؤسستها التي كانت تسميها دائما "بيتي الثاني".
نيرمين المحبة للحياة، الأم الحنون لإيلان ولين التي سطرت نموذجا يحتذى به في الصبر والجلد والقدرة على مواجهة الألم بالأمل، نيرمين المرأة القيادية المتميزة المبادرة المعطاءة التي كانت تضع نصب عينيها تطوير ذاتها والأخرين... بالإبداع ولا شي غير الإبداع.
عزاؤنا جميعا بأنك ذهبتي لمكان أكثر أمانا، مكان خال من الرعب والقصف، عزاؤنا جميعا أثرك الطيب الذي تركتيه ونلمسه في منشورات المتطوعين الذين يفتقدونك جميعا.
في أخر مكالمة معها قالت نيرمين: "ستفرج وسنعود لنلتقي مرة أخرى بعد زوال هذه الغيمة".
وداعا نيرمين
سلام لروحك الطاهرة